الجمعة، 6 فبراير 2015

المقاطعة الاقتصادية بدعة

ما بدعة إلا أقوال علماء السلطان
اقرأوا السيرة يرحمكم الله


إن كل عصر وزمان له أسلحته الجهادية والحربية المستخدمة ضد الأعداء، وقد استخدم المسلمون أسلحة جهادية متنوعة في ذلك ضد أعدائهم بقصد هزيمتهم وإضعافهم.

قال الشوكاني: “وقد أمر الله بقتل المشركين ولم يعيِّن لنا الصفة التي يكون عليها ولا أخذ علينا ألا نفعل إلا كذا دون كذا” اهـ [السيل الجرار: 4/534].

وهذا يوافق عموم قوله تعالى: { وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَد… } الآية [التوبة: 5].

ومن الأساليب الجهادية التي استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم مع الأعداء بهدف إضعافهم أسلوب الحصار الاقتصادي وهو ما يسمى اليوم بالمقاطعة الاقتصادية. ومن الأمثلة على أسلوب حصار النبي عليه الصلاة والسلام الاقتصادي، ما يلي:

1- طلائع حركة الجهاد الأولى وذلك أن أوائل السرايا التي بعثها الرسول صلى الله عليه وسلم والغزوات الأولى التي قادها صلى الله عليه وسلم كانت تستهدف تهديد طريق تجارة قريش إلى الشام شمالاً وإلى اليمن جنوبًا، وهي ضربة خطيرة لاقتصاد مكة التجاري قُصد منه إضعافها اقتصاديًا.

2- قصة محاصرة يهود بني النضير – وهي مذكورة في صحيح مسلم – أنهم لما نقضوا العهد حاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وقطع نخيلهم وحرقه فأرسلوا إليه أنهم سوف يَخرجون فهزمهم بالحرب الاقتصادية، وفيها نزل قوله تعالى: { مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ } [الحشر: 5]، فكانت المحاصرة وإتلاف مزارعهم ونخيلهم التي هي عصب قوة اقتصادهم من أعظم وسائل الضغط عليهم وهزيمتهم وإجلائهم من المدينة.

3- قصة حصار الطائف بعد فتح مكة، وأصل قصتهم ذكرها البخاري في المغازي ومسلم في الجهاد، وفصَّل قصتهم ابن القيم في زاد المعاد. وذكرها ابن سعد في الطبقات [158/2]، قال: “فحاصرهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بقطع أعناب ثقيف وتحريقها فوقع المسلمون فيها يقطعون قطعًا ذريعًا”. قال ابن القيم في فوائد ذلك: “وفيه جواز قطع شجر الكفار إذا كان ذلك يضعفهم ويغيظهم وهو أنكى فيهم”.
4- قصة المقاطعة الاقتصادية للصحابي ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه، وقد جاءت قصته في السير و المغازي، ذكرها ابن إسحاق في السيرة وابن القيم في زاد المعاد والبخاري في المغازي ومسلم في الجهاد، وقصته كانت قبل فتح مكة لما أسلم ثم قدم مكة معتمرًا، وبعد عمرته أعلن المقاطعة الاقتصادية لقريش قائلاً: “لا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم” – وكانت اليمامة ريف مكة – ثم خرج إلى اليمامة فمنع قومه أن يحملوا إلى مكة شيئًا حتى جهدت قريش، وقد أقره الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه المقاطعة الاقتصادية، وهي من مناقبه رضي الله عنه.
وهذه الحوادث و أمثالها تشريع من الرسول صلى الله عليه وسلم لأصل من الأصول الجهادية في مجاهدة الكفار في كل زمان ومكان.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق